“إذا تصفّق هواها، أبشر بماها”

تفاؤل الأمس ويقين اليوم “إذا تصفّق هواها، أبشر بماها” هو مثل شعبي عميق الجذور، يجسد العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة ، في البادية قديماً ، كان هذا المثل ليس مجرد قول ، بل دليل عملي للتفاؤل والتحضير ، كانت حياة الناس تعتمد كلياً على الغيث فشدة الرياح واضطرابها بغير العاده في مثل هذه الاوقات وبوجود مؤشرات معينه لهم (تصفيق الهواء) كانت إشارة تُفهم بالفراسة والخبرة إلى أن السحب الثقيلة على وشك أن تفرغ حمولتها المباركة، كان اليقين بالماء يأتي بعد ملاحظة دقيقة لعلامات السماء، وكانت هذه الملاحظات هي مصدر الأمل الوحيد لأهالي البادية والمزارعين والرعاة .  من عين الراصد إلى شاشة التقنية ،كان أهل البادية قديماً يقرؤون السماء كالكتاب، معتمدين على علامات مثل سرعة الرياح، اتجاه الغيوم، وبرودة الجو ليؤكدوا نبوءتهم المتفائلة ، أما في وقتنا الحاضر، فنحن نعيش بفضل الله في نعم لا تعد ولا تحصى من التقدم التقني والعلمي. لقد تطورت طرق رصد الظواهر الجوية بشكل هائل، وتحولت التوقعات من مجرد “تصفيق هواء” يُرى بالعين إلى توقعات مبنية علمياً تُبث عبر منصات وتطبيقات رسمية موثوقة. الآن وقبل أن نشاهد الغيوم بأيام ، تسبق التوقعات الجوية بمشيئه الله عبر هذه المنصات، والتي تعتمد على أحدث التقنيات والأقمار الصناعية ومراكز الرصد الجوي المتطورة. وبدلاً من الاعتماد الكلي على العلامات الحسية، أصبح لدينا علم التنبؤ الذي يوفر معلومات مفصلة عن كميات الأمطار ومواعيد هطولها. لكن بالرغم من كل هذا التطور، يبقى المثل القديم “إذا تصفّق هواها، أبشر بماها” يحمل قيمة روحية عظيمة. إنه تذكير دائم بأن كل خير، سواء جاء ببوادر طبيعية في الماضي أو بمعلومات دقيقة في الحاضر، هو فضل من الله تعالى، ويدعونا إلى التفاؤل والشكر على نعمه التي لا تنقطع، ويجعلنا ندرك أن العلم والتقنية هي أيضاً من أسباب تسهيل هذه النعم علينا. *طبرجل