« من جدة إلى العالم».. سيرة ذاتية.

منذ نعومة أظافري، وجدت نفسي مولعة بالكلمات وبسحر التعبير، مفتونة بالإعلام وبقدرة الصوت على التأثير، وكانت جدة، مدينتي الساحلية، مسرحًا لأحلام طفلة صغيرة لم تعرف حدودًا لإبداعها. كان والدي، الرجل الذي آمن بقوة الكلمة وقدرتها على التغيير، يشجعني دومًا على الحديث والمشاركة، ويزرع بداخلي الثقة لأعبر عن أفكاري بحرية. ذلك التشجيع المبكر شكل حجر الأساس في رحلتي الإعلامية، وجعلني أؤمن منذ الصغر بأن الصوت ليس مجرد أداة للتواصل، بل سلاح للتغيير، وأن لكل فكرة قيمة تنتظر من ينقلها للعالم. ومع تقدم الأيام، وجدت نفسي في بيئة وطنية تشهد تحولات غير مسبوقة للمرأة السعودية. في عهد الأمير محمد بن سلمان، لم تعد المرأة محدودة بالأدوار التقليدية، بل أصبحت شريكًا فاعلًا في صياغة المستقبل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمملكة. ومع كل خطوة أقدمت عليها في مسيرتي الإعلامية، شعرت أن رحلتي الشخصية هي جزء من هذه التحولات التاريخية، وأن كتاباتي ومقالاتي وبرامجي لم تعد مجرد محتوى إعلاميًا، بل رسالة وطنية تعكس التقدم الذي تشهده المملكة، وتجسد القوة الكامنة في المرأة السعودية. منذ طفولتي، كنت أشارك في الفعاليات المدرسية وأروي القصص وأقدّم أفكارًا صغيرة، وفي كل مرة كان والدي يشجعني على التعبير بحرية، ويعلمني أن الشجاعة في الحديث والتعبير عن الرأي هي مفتاح النجاح. هذا التشجيع المبكر مكنني من تطوير ثقة بالنفس، وفتح أمامي أبواب الإعلام، حيث بدأت في برامج شبابية، وكتابة مقالات، والمشاركة في منصات متعددة لنقل صوت المرأة والتعبير عن تجربتها. ومع كل تجربة، تعلمت أن الإعلام هو أداة لتمكين الآخرين، وأن كلماتي يمكن أن تلهم الشباب والفتيات على حد سواء لتجاوز التحديات والسعي لتحقيق أحلامهم. خلال مسيرتي الإعلامية، واجهت العديد من التحديات، خصوصًا كإمرأة شابة تحاول إثبات نفسها في بيئة متغيرة وسريعة الإيقاع. لكن الدعم الرسمي من القيادة السعودية، والدعم الأسري منذ الطفولة، كان دائمًا الحافز للاستمرار، والبحث عن فرص جديدة للتأثير، وتحقيق النجاح. كل تحدٍ واجهته كان خطوة نحو تعزيز رسالتي الإعلامية، وتمكين المرأة السعودية من أن تكون صوتًا فاعلًا ومؤثرًا في المجتمع. ومع كل تجربة إعلامية جديدة، شعرت أنني أشارك في بناء قصة وطنية أكبر، وأن نجاحي هو انعكاس لدعم القيادة الحكيمة للمبادرات التي تمكّن المرأة وتشجعها على الإبداع والتميز. اليوم، ومع صدور كتابي الجديد «من جدة… إلى العالم – تجارب ومواقف صنعتني… كتبتها لأصل إليك»، أشعر أن رحلتي الإعلامية والتجربة الشخصية التي عشتها تتجسد في صفحات هذا الكتاب. فهو ليس مجرد مجموعة قصصية أو مواقف حياتية، بل انعكاس لمسيرتي كإعلامية وامرأة سعودية عاشت التحولات الكبيرة في وطنها. كل فصل في الكتاب يروي قصة صمود وإلهام، ويعكس كيف يمكن للمرأة أن تصنع تأثيرًا حقيقيًا في مجتمعها، وكيف أن الإرادة والدعم المناسبين يمكن أن يحولا الأحلام إلى واقع ملموس. من خلال هذا الكتاب، أشارك العالم قصصنا وأبرهن أن المرأة السعودية قادرة على الإبداع والقيادة، وأن نجاحها هو نجاح للوطن بأسره. وما يعزز هذا النجاح هو ما نشهده اليوم من تحولات مجتمعية حقيقية، حيث أصبح دعم المرأة السعودية جزءًا من الاستراتيجية الوطنية للتنمية الشاملة. فالمرأة لم تعد عنصرًا ثانويًا، بل أصبحت شريكًا أصيلًا في اتخاذ القرار وصناعة المستقبل. وأنا أرى في كل تجربة إعلامية، وكل كتاب أو مقالة أكتبها، مساهمة في تعزيز هذه الثقافة، ونقل رسالة واضحة للعالم مفادها أن المرأة السعودية ليست فقط متعلمة وطموحة، بل قوية ومبدعة وفاعلة في مختلف المجالات. إن رسالتي للمسؤولين واضحة: استمروا في تمكين المرأة، وفتح المزيد من المساحات التي تسمح لها بالإبداع والمشاركة في صياغة المستقبل. فالاستثمار في المرأة هو استثمار في التنمية والاقتصاد والمجتمع، وهو ضمان لمستقبل مشرق ومستدام للمملكة. أما رسالتي للنساء، فهي دعوة إلى الجرأة على التعبير، ومواصلة تطوير الذات، والإيمان بأن كل تحدٍ أو عقبة يمكن تحويلها إلى فرصة، وأن كل نجاح فردي هو جزء من قصة وطنية أكبر، تعكس الطموح والإرادة والتفاني في خدمة المجتمع. رحلتي من جدة إلى العالم ليست مجرد قصة شخصية، بل انعكاس لتحولات وطنية كبرى شهدتها المرأة السعودية في عهد الأمير محمد بن سلمان. الإعلام والتجربة العملية، وتشجيع والدي منذ الطفولة، وصدور كتابي الجديد، كلها عناصر متشابكة تشهد على أن التمكين الحقيقي يولد الإبداع، وأن الاستثمار في المرأة هو استثمار في المستقبل. وأدعو كل امرأة سعودية إلى متابعة أحلامها والانطلاق بثقة نحو القيادة والإبداع، لتظل المملكة نموذجًا عالميًا في التقدم والتمكين، ويظل صوت المرأة السعودية حاضرًا ومؤثرًا في كل مجال من مجالات الحياة . ‬‬* إعلامية سعودية