التفكير تحت الناموسيّة.

سبق وأن كتبت عن التفكير داخل البئر حسب بطل رواية (طائر الزنبرك) للياباني هاروكي موراكامي وها أنا أعود للكتابةِ عن التفكير، ولكن هذه المرة ليس خارج الصندوق أو غيره من الأطر المُغلقة، بل سيكون حول عُمق التفكير ارتباطاً بالانتماء الى لون معيّن. نعم .. لون. فقد ربط خبراء الألوان مؤخرا التفكير المختلف باللون البنفسجي. قد نتقبل بحكم السائد في كل مكان وزمان رموز الألوان المتعارف عليها فرفع الراية البيضاء تعني الاستسلام وحمامة السلام لونها ابيض، أما اللون الأسود في معظم ثقافات الشعوب فقد ارتبط بالحزن والحِداد. وكل ما يرمز للموت ومسبباته باللون الأصفر لهذا نجد لوحات التحذير من الأشعّة حتى الذريّة منها باللون الأصفر. معظم لوحات التحذير من الخطر تُكتب باللون الأحمر وهكذا من تصنيفات لونيّة شائعة ودلالاتها. لكن حكاية البنفسجي ودلالاته الثقافية التي أحدها عمق تفكير عشاقه والمنتمين إليه فتلك حكاية تستحق الحديث عنها في (اليمامة) السؤال: هل بالغ خبراء الألوان إياهم حين وصفوا حلول (البنفسجيون) بالمبدعة لأنهم فكّروا ويفكرون حسب انتمائهم اللوني خارج الصندوق؟ وهل بالفعل حفّزهم اللون البنفسجي على هذا التمرّد في التفكير؟ كاتب هذه السطور بعد أن طوى عقده السابع من العمر يقضي معظم يومه بالتأمل والتفكير العميق رغم أنني من عشاق اللون الأخضر الهادئ! ليتهم (أقصد خبراء الألوان) توقفوا عند تمجيد تفكير عشاق اللون البنفسجي فقد حطّت رِحالهم أيضا عند بوابات الاقتصاد، فابتكروا مصطلح الاقتصاد البنفسجي وهو يعني إعطاء الاعتبار للجانب الثقافي للاقتصاد. ماذا بقي؟ إذا كان البنفسجيون يفكرون خارج الناموسية (الكحلي) أقصد خارج الصندوق فلماذا لا تستقطبهم كبريات شركات الذكاء الاصطناعي كي يبتكروا حلولا بنفسجية لمآزق البشر التي عجز عنها اساطين الاقتصاد وعلماء النانو بكل تخصصاتهم وهل سيواجه المتقدم لوظيفة بمسمى (عبقري) سؤال عن الألوان التي يميل اليها؟ لا ريب بأن لكل لون دلالاته المتعارف عليها ولا يمكن الاستهانة بأذواق الناس اللونيّة، ولكن المبالغة في الإحالة الى عمق التفكير والحلول المبتكرة خارج (الناموسية) للون معين يُعتبر في حُكم التسالي مثل أكل (الفشفاش). * لندن