يهدف لرفع مستوى الوعي بالموروث الثقافي وتحفيز الاهتمام به..

وزارة الثقافة تطلق دليل أنشطة الحرف اليدوية.

في إطار مبادرة عام الحِرف اليدوية 2025، أطلقت وزارة الثقافة “دليل أنشطة الحرف اليدوية للمؤسسات التعليمية”، ليصبح مرجعًا متكاملًا يربط التراث بالحياة اليومية للجيل الناشئ، ويحوّل الحرف التقليدية من كونها إرثًا محفوظًا في الكتب والمتاحف إلى ممارسة عملية تُغرس في المدارس، تعزّز الهوية الوطنية، وتنمي مهارات الإبداع واليد والفكر، وتغرس شعور الانتماء والفخر بالموروث الثقافي السعودي، بما يتماشى مع رؤية المملكة في صون التراث ونقله للأجيال القادمة. قيمة الحرف لا تقتصر الحرفة على كونها مصدر رزق فحسب، بل هي جزء أصيل من الهوية الثقافية ومرآة لحياة الأجداد، تتأثر ببيئة كل منطقة، من سعف النخيل في الواحات إلى الطين والحجر في القرى والمناطق الجبلية. من هنا؛ يعرّف “دليل أنشطة الحرف اليدوية للمؤسسات التعليمية” الحِرفة بأنها “عمل يدوي أو مهني يقوم على مهارة وخبرة، يتم من خلالها تحويل المواد الخام إلى منتجات نافعة تحمل قيمة عملية أو جمالية”. فالحرف اليدوية في المملكة ليست مجرد نشاط فني، بل تجربة ثقافية متكاملة تربط الطلاب بتاريخ مناطقهم، وتعرّفهم على قيم الصبر والدقة والاجتهاد، وتجعل التراث السعودي حيًّا في حياتهم اليومية. كما أن التعرف على الحرف المختلفة يوفّر للطلاب فرصة لفهم التفاعل بين الإنسان وبيئته، وكيف صاغت الموارد الطبيعية أساليب العيش والإبداع على مر العصور. أهداف تعليمية يستند الدليل إلى خمسة أهداف رئيسة، وهي: تعريف الطلاب بالحرف اليدوية وأنواعها في مختلف مناطق المملكة، وتعزيز الوعي بالموروث الثقافي المادي وغير المادي، وترسيخ الهوية الوطنية والثقافة المحلية، وإحياء الممارسات التراثية في البيئة المدرسية، وتحفيز الاهتمام بالتراث كمصدر إلهام للمستقبل من خلال ابتكار أساليب حديثة تعزز استدامته. من خلال هذه الأهداف، لا يكتفي الدليل بنقل المعرفة النظرية، بل يتيح للطلاب تجربة عملية مباشرة عبر أنشطة صُممت بعناية لتناسب مختلف الفئات العمرية، مما يضمن غرس القيم التعليمية والثقافية في سياق تطبيقي ممتع. ويقدّم الدليل 11 فصلًا تطبيقيًا للحرف اليدوية التقليدية، تشمل: الدباغة: تجربة مبسطة لمعالجة الجلود باستخدام خامات آمنة مثل الجلد الصناعي أو الكرتون. والبناء بالطين والحجر: نماذج مصغرة توضح العمارة التقليدية والمواد المحلية. والمشغولات النخيلية: صناعة أدوات وسلال من سعف النخيل، تحاكي التراث الشعبي. والمشغولات المعدنية والنسيجية: تشكيل المعادن وحياكة الأقمشة والسجاد التقليدي. والتطريز، التجليد والتذهيب، الحلي والمجوهرات: أنشطة تعلّم الأطفال فنون الزخرفة والديكور التقليدي. وكل نشاط يتضمن الأهداف التعليمية، المصطلحات الأساسية، سير اليوم والنشاط، التجهيزات والمواد المستخدمة، لضمان تجربة تعليمية متكاملة. هوية وانتماء وأثر تربوي يعتمد الدليل على منهجية التعليم القائم على الاستكشاف والتجربة التطبيقية، التي تعد من أبرز الأساليب التعليمية الحديثة. هذه الطريقة تمنح الطلاب فرصة: المشاركة الفعلية في صناعة المنتجات اليدوية، وتنمية مهارات حركية دقيقة من خلال التشكيل والنسج والرسم والقص، وإطلاق الخيال والإبداع عبر تصميم أشكال وأفكار مبتكرة خاصة بهم. التعلم بالاستكشاف يجعل الطلاب شركاء في المعرفة، لا مجرد متلقين، ويعزز شعورهم بالانتماء للتراث، ويغرس فيهم احترام قيمة العمل اليدوي، كما أن إشراك الأطفال في أنشطة الحرف اليدوية له أثر تربوي عميق من خلال تعزيز الهوية والانتماء عبر لمس التراث بأيديهم، وغرس قيمة العمل اليدوي من خلال تعليم الصبر والدقة والاهتمام بالتفاصيل، إلى جانب تحفيز روح التعاون والابتكار من خلال العمل الجماعي والتشارك في المشاريع. وبهذا الشكل، يصبح الدليل أداة تربوية متكاملة تربط بين المعرفة النظرية، المهارة العملية، والقيم الاجتماعية والثقافية. من التراث للمستقبل الحرف اليدوية في المملكة هوية وثقافة، فكل حرفة تعكس أسلوب حياة محددًا زمنًا ومكانًا، وتحافظ على ذاكرة المجتمع، وتؤكد على التواصل بين الأجيال. يؤكد الدليل الذي أطلقته وزارة الثقافة على أن الحرف اليدوية ليست إرثًا جامدًا، بل مصدر إلهام للمستقبل. إذ يمكن تطوير أساليب الحرف التقليدية بأساليب حديثة، بما يحافظ على استدامتها، ويمنح الطلاب القدرة على الابتكار والتجديد. ومن خلال دمج التراث في البيئة التعليمية، يصبح التراث ممارسة حية، لا مجرد معرفة محفوظة في الكتب، ويصبح الطالب شريكًا في صون الثقافة وإحيائها، وبالتالي ترسخ الهوية الوطنية في أعمق صورها.