القيم التي تبقى..
قبيل إصابته بعدة أسابيع قلت للدكتور سعيد السريحي شفاه الله: لقد التقيتك في كل مكان وجريدة: جدة، الرياض، حائل، الطائف، فرسان، الشرقية… وفي البلاد، وعكاظ، والشرق، ولم يتبق سوى “اليمامة”. فأجاب بطريقته الحاسمة التي اعتدناها: «تم». واتفقنا على إجراء “حوار العمر”، نقول فيه الاعترافات المؤجلة ونتتبّع مسيرة الحياة الحافلة، لكن إصابته المفاجئة أجلت المشروع إلى وقت نأمل أن يكون قريبا. ويوم بلغنا الخبر المؤلم، كان المشرف على تحرير هذه المجلة يوجه – بالروح الحاسمة ذاتها – أن يكون ملف هذا الشهر عن الدكتور السريحي، تقديرا لتجربته ودوره، وتلويحة محبة له وهو يمر بهذا الظرف الصعب. ونعترف بأن هذا الملف لا يمكن ان يحيط بتجربته الواسعة وسيظل مقاطع غير تامة. إنه ومضات تحاول إضاءة بعض زوايا عالم شخصية شديدة الثراء كانت على مدى عقود ظاهرة في عصرها، ولا تزال تلهم الكثيرين اليوم. وبالطبع، فإن ملفا يحمل اسم الدكتور سعيد السريحي، الذي تعلمنا منه الكثير من القيم في الصحافة والثقافة، لا يمكن أن يكون عملا إنشائيا أو مجرد رسائل وجدانية، على الرغم من أهمية البعد الإنساني في مثل هذه اللحظات. ولذلك فإننا نزعم أن ما نقدّمه هنا يتجاوز التغطية، ويضيف إلى واجب الوفاء محاولة لتكريس القيم الجادة التي كان السريحي نفسه يدعو إليها، ليكون عملا مهنيا نحيّي به معلما كان واحدا ممن أخذنا عنهم أصول المهنة، وعلّمنا كيف يمكن للصحافي أن يتجمّل بعمله المهني، وكيف يصبح العمل الصحفي جمالا يضاف إلى الإنسان، وقيمة حقيقية تثري ساحات الوطن.