هدايا مُثيرة للدهشة.

من أجمل اللحظات التي لا أمل تكرارها، مشهد من فيلم (Me Before You - 2016) لـ سام كلافلين في دور الشاب الرياضي الثري المصاب بشلل رباعي بعد حادثة الدراجة النارية، جمعته الأقدار في قصة مملؤة بالمفاجآت ممزوجة بالفكاهة والعفوية مع إميليا كلارك بعد أن أقيلت من عملها في أحد المقاهي فبدأت رحلة بحث شاقة عن عمل ليستقر بها المقام في منزله. أهداها في يوم ميلادها (جوارب النحلة) فشهقت فرحاً وقفزت حتى كاد يرتطم رأسها بسقف البيت، بل سقف السماء، سألتهُ : كيفَ عرفت ؟ فأجاب : هذا سّر ! وحقيقةً هو في حديثٍ سابقٍ معها سألها عن شيء تحبه وفقدته، فقالت جوارب النحلة أحب أن ارتديها لكنها صغرت جداً وأنا كبرت عليها، وزيادة على ذلك لم يقم أحد بصناعتها مجدداً، مرت الأيام نست ما أخبرته به لكنه لم ينسى ..! هذا المشهد اختصر لي أشياء كثيرة، هدايا الورد مثلاً أتمنى لو يمتد بها العمر دون أن تجف ولا يبقى سوى صورتها في أرشيف الذكريات، الحلوى هي أيضاً ربما لا يبقى منها إلا أعراض التخمة، وأجد أني ابتسم كثيراً لهدايا الأقلام والكتب وأصيص النباتات، وأكواب القهوة ، وفناجيل العلا والدرعية، والفواكه اليانعة والمجففة والأعشاب العطرية، و أشياء كثيرة بسيطة لكنها أشبه بغيمة بيضاء تصافح الروح. ‏لم تكن الهدية يوماً بقيمتها، ذات بريق أم بفاتورة مرصعة بالأصفار، الهدية بعمقها، بأثرها، بكمية الدهشة التي تشعر بها، عندما تُسارع مثل الأطفال بتمزيق غلافها لتعرف ماهي، فتدهشك الهدية وتحتفظ أيضاً بالغلاف. طبعاً لا يعني أن الهدايا الثمينة فارغة المعنى والقيمة خاصة عندما تُهدى لك أو أنت من يهديها بعد تعب وسهر وحسابات معقدة ، ربما ثمنها يخسف بميزانية شهر أو أكثر، لكن في قرارة نفسك تقول لا بأس، لأنها ستُهدى لمن يستحقها حقاً، حديثي هُنا ربما عن بساطتها وعمق أثرها الممتد. ‏نصيحة للفضاء والغيمات والنخلات والشمس الخجولة : في الحياة اهتموا بتدوين ما يتحدث به أحبابكم في الذاكرة، التقطوا مشاعرهم وأمنياتهم، وكم هو جميل أن تنبت فيهم هذه الخصلة أيضاً، وحين تحين المناسبات لِتكُن أمنياتنا وأمنياتهم، مفقوداتنا ومفقوداتهم (دهشةً) تصلهم على هيئة هديةٍ وغلاف.