خمسون عاما بجوار السريحي.

كان سؤالي المتكرر بيني وبين نفسي وبيني وبين ذكرياتي، هو: - هل يدرك المراقب الذي وزع الطلاب في بداية العام الدراسي منذ أكثر من خمسين عاما أني لا زلت حتى اليوم اجلس بجوار سعيد السريحي ؟ ولم يدر في خلدي أن القلق سيزدحم في شغاف القلب وزوايا النفس والأسئلة الكثيرة ستبقى بلا إجابات، نطرق معها في حسرة ونعيشها في أسى حين نقف في زيارتك “يا أبا أقبال” بصمت، نتبادل نظرات الخوف والترقب وترتسم في ملامحنا مشاعر لم نعرفها من قبل معك، فلقد كنت أنت الناصح، صاحب الرأي الحاسم، المبادر السباق بالحلول. ويبقى الدعاء الذي نلجأ به الى الله في مصابنا هذا الذي قارب الشهر راجين الله ان تعود سعيدًا واثقا قويًا. وأن تتجاوز هذه الهجعة المباغتة والصمت المظلم. سعيد .. هل تعرف أن اتصالاتنا وزياراتنا التي تتجاوز السؤال الى الهلع وتتخطى الاستفسار الى الصمت المليئ بالرعب اصبحت مرارة نعيشها كل يوم, سعيد وأنا أطالع الإهداء على روايتك التي أتمنى من كل قلبي أن لا تكون الأخيرة وأنت تقول: “إلى أخي صالح بوقري كنت وما زلت نافذتي، نافذتي التي أطل منها على جدة فأبصر أجمل ما فيها من خلالك” أحدق حولي وأرى المدينة وناسها وحواريها وشوارعها من خلالك أخي سعيد عسى الله ان يرفع عنك ما أنت فيه ويرفع عنا ما نحن فيه.