“قلب أبو سليمان وقَّادي*”.
إلى الصديق / نشمي مهنا ذهبوا في استدارةِ الدّفوفِ، كانوا مُتعجّلين عندما وَلَجوا قاموسَها، ذهبوا في استدارةِ الدفوفِ وفي خرائِطِها، أَدِلّاؤهم حَناجرُ وسُوقٌ ولَوْعاتٌ، ذهبوا في الجِلد مِنها، وفي الأصابع وفي لُغْتِهم الأُخرى.. ذهبوا إلى ما لا يُدرك مِن الدفوفِ وليس له اسمٌ، ولِكَيْ يَقترِبوا مِنهُ ذهبوا ورَقصُوا مُستَجِيرِين بِتَوتّرِ لَهبِ الدفوف واسْتِطالتِهِ، مَيْلُهم وتأَوُّدهم لَم يكنْ عبثاً، كانوا يبْحَثونَ في الأرض وفي الهواءِ والنّبراتِ عن أثرٍ يَتقصّونَ فيهِ مَنابِعَهُم الصّافيةَ، هم الذين صَدَّقوا فَرْوَ الدفوف حين تَرفعُ الأخطامَ، ومِن أوّلِ قوائِمها ومِن أقْصى عُزلاتِها تَصْدحُ وتُبْرىُ الوَحِيدينَ بالوَجيب والعَليلينَ بِالمَوجِ وبِالاسْتِدارةِ. *أغنية سامري مشهورة، من حايل. 22سبتمبر 2025 اتّساعُ يديكَ إلى الصديق الفنان إبراهيم الحساوي مَضى زمنٌ لِنصلَ إلى هذا البياضِ الوعرِ، كنتُ أحسِبُهُ بِالأوراقِ وبِما اِختَفى مِن الوجوهِ جَرَّاءَ سَرقاتٍ فادحةٍ، يَقْطرُ مِن غِياباتٍ كانت دائماً على وشَكِ التّفلُّعِ والهَوِيِّ، وكنتُ أقرأُ بِحذرٍ مَسافتَها مُتفادِياً حَوافَّها الصّلبةَ، مضَى اِحتِدامُ القليلةِ حِيلَتُهم يُنفِقونَ وُسْعَهم لِيَصلوا إلى اِتّساعِ يديك، تُجازفُ وتُريد أنْ تَحملَ صُروفَ اللغةِ كُلَّها، تُمسكُها مِن أطْرافِها وتَرفعُها، لا تُريدها أنْ تَقعَ في دُكْنةِ المُستَنقَعاتِ، ولا تُريد أنْ نَتأخّرَ عن مَوَاعيدَ ضَربْناها لِلابتسامِ قَريباً مِن الفناجِين، وأكثرَ قُرباً مِن إِيماءاتٍ هي نحنُ عندما تكونُ أشجارُنا المُنشغلةُ بِكتابةِ الحفيفِ قد خَرجتْ مِن أحاديثِنا أُغنياتٍ خضراءَ، تَعلَمُ أنّ التّلفُّتَ ليسَ من أدواتِنا، و ليس ما يَطْرأُ على الطاولاتِ من اِرتجافٍ أو اِشتِدادِ لَمعانٍ مِمّا يُكترَث له فقد اِعْتَدنا مِنها ذلكَ، كلما اِحتَكّت اليدُ بِاليدِ أو ألْقتْ بِنا المصادفةُ في عِناقٍ، فالذينَ ضَربهُم التّيهُ، لن يصعب عليهم اِتّباعُ سَنَا الأرواحِ والتحليقُ حَولنا، مَضى ما يُمكنُ أنْ نُسمِّيهِ بُكاءً، قَبلَ أنْ تُحِدّ نظرتَكَ هذهِ عازِماً أنْ تُحدِثَ بِها شُقوقاً في حُجُبِ لَيلٍ طال، وتَأتي بِها على ما يُمكنُ أنْ يكونَ عُشباً ضارّاً، دَعْ عنكَ فقدْ مضى اِنتظارٌ طويلٌ وها هو يَمضي، قبل أنْ أُلمِّعَ نُحاسَ حُنجُرتي وأقطعَ شَوطاً طويلاً فيهِ، عابراً مِياهي الأكْثَر صَفاءً والتي كثيراً ما تَجعلُني قُبالَتكَ، أنْصب هذي الحنجرةَ فَوقَ أعلى جُنونٍ في اللغةِ وفي الحنينِ وأُناديكَ: تعالَ دَعْ أصابعكَ تَرعى الهواءَ وترعى عُشبَ الأحلامِ، وتَعال تعالَ،ثمَّة قصيدةٌ على مَرْمى قلبٍ، بِإمكانِنا الاخْتِباءُ فيها والغناءُ. فَبِغيرِ ذلكَ لَنْ نَنجو؛ تَعالَ قبلَ أنْ يَلْتقِمنا هذا الزّمنُ الذي يمضي ويَجري نَحوَنا.. تَعالَ وَأَطِعْني أَطِعنِي. الكويت - 26 نوفمبر 2025