عن الفلسفة الشعرية وأشياء أخرى..

غربة النص الشعري بين سيكولوجية النص واللغة الفلسفية.

للشعر نكهته الخاصة ولغته الخاصة واعجازه المتفوق الذي قد يخادعنا في جمالياته عبر تكشفه البارع والإفصاح عن رغبته المكنونة للقفز بالكلمات لمديات فارقة تصعد بتصويراته ولوحاته في استثماره الحسي الهائل ومجازات الشعر في استعاراته الخلاقة وانزياحاته المبهرة كل ذلك الفعل الجمالي هو حصيلة طاقة مستلهمة في بذور الروح التي تبرعم مراياها الخاصة لتكون شعرا ينفثه اللسان صوتا يغني الحياة الحالمة التي يعول على تلقيها تلقيا قلبيا وسمعيا مختلفا عن ذات الحياة الممكنة لذا تعد القصيدة قبل كتابتها عاصفة هوجاء تمارس فتح شرانقها المغلفة بالخشية نحو اكتمال ما بين الروح والقلب والخروج من عزلتها المكبوتة لفسحتها المتسعة المثول عبر فاعلية الفكرة القلبية التي تناهض واقعها الموضوعي إلى القفز أولا ثم الطيران لروح اللغة المفارقة كحالة حسية تختبر النفس الأولى الداخلية فيها لدى الاقتراب من المكبوت والمسكوت كحالة تذوقية وليس كفاعل أساس موجه في سلطته الشعورية كنتيجة للقصيدة في هندستها الرؤيوية في قدح الأسئلة سيكولوجية النص في التذوق الجمالي لفاعلية النص الشعري تختلف ذائقتنا الخاصة ليس بكونها انموذجا لنسيجنا الدماغي المتوارث عبر تكونها الفيزيائي البيلوجي كما يعتقد عند بعض العلماء الذين أخذوا بمنهج فرويد في التوريث للخصائص المكتسبة بالبرهنة على النماذج المتصلة بالأحلام والأوهام وتفسيرها العلمي البيلوجي كمادة قديمة منشأها الدماغ لكن من الصعب أن نجد البرهان أو الطريق بشكل علمي على أن صور الدهشة هي ذاتها منبعثة من انطباعات قديمة كموروث لمادة ثقافية منتقلة من فرد لآخر عبر سلالة موروثة أو مكتسبة في الذات العليا من هنا لا نجد تبريرا مقنعا يحيلنا في النقد الأدبي للنص الشعري عبر الاتصال بالتحليل النفسي للشاعر كيقظة دائمة المعالم عند كتابته للنص الشعري ولا يمكن لنا المغالات والمبالغة في المكتسبات السيكولوجية للنفس قابلة الفاعلية الشعرية والتعامل مع الشاعرية بمنظور علمي أو رياضي فاقع للنفسية العضوية بقدر ما ما هو أثر جزئي للميل الذات الغريزي تجاه تصويب الشعر لإحساسته الخاصة كاستجابة داخلية تمتزج مع الفكرة الناضجة لترميزها السيكولوجي المؤثر على تلقي النص وليس كتابته لذا جاء في مفهوم النص في الوعي المعاصر أننا علينا أن نستغل امكانيات عقولنا لتذوق الشعر ولكن من خلال فهمنا لأشراقته السيكولوجية عبر البناء والتفكيك للعناصر المركبة واستعاراتها عبر تناولها المتروي جدا وفهم قيمتها التناولية للشعر وليس كحالة اكلينيكية تستبطن الحالة النفسية السيكولوجية وأرجاع النصوص إليها ومن هنا يتضح لنا أن توتير لغة الكتابة الشعرية ليس بأحلام أو خواطر أو أوهام تتداعى أو تثير كمسحة موضوعية تلتمع بها القصيدة وإنما هي حالة استغراق وتأمل حالم تحرك مساحة الرؤية وتدفعها لمتطلب عاصفة القصيدة لتمزيق الحواجز التي تحيطها لتجد متنفسها الأخير بكل ما يحركها من عاطفة ووجدان نحو بلوغ مستقرها المشع والملهم والمستحوذة على التساؤلات العميقة والفلسفية والسيكولوجية في توجهها الكوني نحو فردانيتها في التغني اللذيذ عبر أنوات متعددة المخيال تشعرك بالعبث الدائم والحلم الدائم وكل المشاعر الغريزية الجياشة بمشتملاتها ورموزها وصورها المتجاوزة لكل هذه النظريات التحليلية الانتقائية التي تهتم كما يبدو في النموذج النفسي السيكولوجي لا البعد الملهم والساحر للروح والقلب كفن متجاوز ومبهر لهما يفترض التجلي والكشف عن ملاذه الجميل في جميع فولكلورات الحياة وقيمتها الشعورية العالية والأدبية التي تشحن بالعاني الرمزية والهيولية التي تبعث على الدخول في روائعها أكثر من غيرها مهما اختلفت في استبطان الخير والشر كمخيال يجسد الشعر ولا يقوم مغالطاته التفسيرية المزعجة فالعمل الشعري هو هروب دائم عن واقعه وهروب عن أوهام الناس لأحلامهم المفترضة كمحاولة للنفاذ للداخل الأكثر نبوءة تعبر عن ضروب من الحقول الإنسانية بين أصولها وهجينها كقصيدة تهتم بالمقابلات والتضاد والإنقلابات الحسية التي تعتري ذات الإنسان المحتدمة داخل نظامه الشعوري واللاشعوري كصراع أقرب للإحتمال من القطع وكلما نجح نجاحا كاملا بدا أن شيئا هناك مازال دون البلوغ الغربة الفلسفية الفلسفة الشعرية داخل النص الشعري ما هي الا بمثابة قافلة من عربات الأفكار المترابطة والتي تنحو لمنطقها الرؤيوي والذهني متحدة في إثارة النص التي توحي بالحضور العقلي شديد اللإلتماع الذي يشغل مساحة النص نحو نتيجته الموضوعية الفلسفية التي تتعلق بالتأثير والتركيب الدقيق للكلمات والأفكار وهو ارهاص يجانب قدرة النص على الصعود بالدهشة الشعرية قبال الخضوع للفلسفته التي ترتبط بجزء من منطقها الدلالي لا الشعري والمجازي لنجد بعد ذلك غرابة التعبير المنطقي المتسلل كحالة محسوسة فاقعة تؤدي غرضها المباشر يرسمها الوضوح للأشياء المختلفة كاستعمال شائع دون معالجة شعرية تفقدها وظيفة الكلام العام للتغني الشعري في مكنوناته الفنية والتي من شأنها أن تبعث أثرا عاطفيا مؤثرا يصعد بابداع القصيدة الموحي والعميق كما تفعله الإشارة التلميحية قبال الصور التصريحية الجاهزة المضيقة لبنية المجاز وامكانياته الموحية بدواعي اللغة الشعرية الفلسفية البناء التي تنتهي بصورها المعقولة كنشيد مدرسي يعلم الجناس