المجلات الثقافية..

مناجم المعرفة!!

*️تعد المجلات القديمة الثقافية منها والأدبية ، مناجم علم ومعرفة ، حيث تحتوي على العديد من المقالات ، والتراجم والسير الذاتية ، والشعر والنثر ، والقصص والروايات ، وأدب الرحلات ، وغيرها من فنون الأدب واللغة ، لعمالقة الأدب في العصر الحديث . وقد يسر الله ليّ أن حضرتُ لقاءً ماتعاً لأخينا الأديب أبا أسامة الدكتور عبدالرحمن قايد في مساء يوم الأربعاء الموافق ٢٦ جمادى الآخرة ١٤٤٧هـ والذي جاء متزامناً مع معرض الكتاب في جدة ، وكان بعنوان “ المجلات الأدبية .. المناجم المدفونة) وذكر في مستهل حديثه ، أن هذه “المجلات” في حكم النوادر، وذلك لعدم توفرها في المكتبات وبعض المراكز الثقافية ، لسعة حجمها، وبهاضة ثمنها ، ولا يعتني بها سوى القلة من النخبة والباحثين . وأول هذه “المجلات” صدوراً هي مجلة “روضة المدارس” وكان صدورها بمصر عام (١٨٧٠م) ثم تلتها مجلة “المقتطف” والتي أنشأت في الشام عام (١٨٧٦م) وقد أسسها كل من يعقوب صروف وفارس نمر ، قبل أن تنتقل إلى القاهرة ، ثم تليها مجلة “الهلال” والصادرة عام (١٨٩٢م) وقد أسسها جورجي زيدان ، ومازالت تصدر حتى الآن . ثم تطرق للمجلات وتأسيسها ، وأن منها “المجلات الفردية” كـ”البيان” و”المنار” والتي كان يكتب أبوابها أصحابها . و”المجلات” التي يكتب فيها ويحررها عدد قليل من الكتاب ، ثم “المجلات” التي لا يكتب فيها سوى مقال واحد فقط لكل كاتب. وقرن بين “المجلات والصحف” حيث يشملها مسمى واحدٌ وهو “الدوريات” ، وضرب لنا مثالاً بصحيفة “المؤيد” والصادرة عام (١٨٨٩م) بمصر ، والتي يكتب فيها المنفلوطي. ثم تطرق للصحف الثقافية والمجلات الأدبية السعودية فذكر منها : صحيفة “البلاد” وصحيفة “المدينة” ، و”مجلة الفيصل” ، و”المجلة العربية” ، و”مجلة قافلة الزيت”، والتي كان يستكتب فيها وديع فلسطين كبار الكتاب ، وفيها كنوز هائلة من المقالات. ومجلة “العرب” ، والتي أسسها المؤرخ حمد الجاسر ، ومجلة “العربي” الكويتية والتي أسست عام (١٩٥٨م) ، ومجلة “الدوحة” وهي مجلة أدبية ثقافية قطرية ، تأسست عام (١٩٦٩م) ويرأس تحريرها محمد الشوش . وتحدث عن أنواع المجلات بحسب محتواها ، فمنها ما يهتم بالشعر مثل “مجلة الشعر” ومنها ما يهتم بالروايات والقصص ، ومنها ما يهتم بالمسرح والفكاهة ، كمجلة “الكشكول” وغيرها. ومن المجلات ما يتحدث عن الكتب ، كمجلة “تراث الإنسانية” وهي مجلة مصرية تعنى بذكر أهم الكتب التي أثرت في الحضارة الإنسانية، وقد أسست عام (١٩٦٢م) ، تليها مجلة “الكتاب” وهي من أجمل المجلات وأقدمها التي تتحدث عن الكتب ، وتم تأسيسها عام (١٩٤٥م) ، ويرأس تحريرها عادل الغضبان ، وتصدرها دار المعارف بمصر. ثم ذكر مجلة “المكتبة” العراقية والتي تعتني بالتعريف بالكتب ونقدها ، لصاحبها قاسم رحب . وتليها مجلة “الكتاب العربي” بمصر ، والتي صدرت عام (١٩٦٤م) ويرأس تحريرها علي أدهم. وكذلك مجلة “عالم الكتب” وهي مجلة جميلة علمية سعودية محكمة ، صدرت عام (١٩٨٠م) ويرأس تحريرها الأديب عبدالعزيز الرفاعي ، وتعتني بالمقالات التي تكتب في تصحيح نسبة الكتب . وتطرق للمجلات والصحف الأدبية الخالصة والمعتنية بالأدب بصفة خاصة وذكر منها ٣٢ مجلة.  وبعد التعريف ببعض “المجلات الأدبية والثقافية” أشار الدكتور عبدالرحمن إلى أهم هذه المجلات وهي مجلة “الرسالة” والتي أخرجت كبار الأساتذة والأدباء من أمثال : العقاد ، والبشري، والمازني ، وزكي مبارك ، والرافعي ، ومحمد رجب بيومي ، وعلي الطنطاوي ، وأنور الجندي ، وعبدالله كنون، ومحمد العريان .. وغيرهم من القامات الأدبية والعلمية والثقافية. وكذلك إلى ما تحتويه هذه المجلات “الأدبية والثقافية” في أعدادها من أبواب . وختم الدكتور عبدالرحمن هذه الأمسية الممتعة بأثر هذه المجلات في الحياة الأدبية والثقافية ومن ذلك : ١- أن أشهر الكتب الأدبية في العصر الحديث هي من آثار هذه المجلات ككتاب “وحي القلم” للرافعي ، وكتاب “فيض الخاطر” لأحمد أمين . ٢- أن هذه المجلات من أهم المصادر لتاريخ الأدب المعاصر . ٣- صقل المواهب والملكات وتخريج عدد من الكتاب . ٤- التلاقح الفكري الذي حصل بسبب هذه المجلات بين أبناء البلاد العربية وكبار الأدباء . وتتمة لما ذكر أخي الدكتور عبدالرحمن عن أثر هذه المجلات فأذكر هنا ما يخص مجلة “الرسالة” من مخرجاتها الأدبية والثقافية ؛ ككتب الأديب أحمد حسن الزيات ومنها كتاب “وحي الرسالة” وكتاب “في أصول الأدب” وكتاب “سير ورجال” ومن ذلك كتاب “على هامش السيرة” لطه حسين ، وكتاب “من البرج العاجي” لتوفيق الحكيم ، وكتاب “حياة الرافعي” لمحمد العريان ، وكذلك الأديب علي الطنطاوي في العديد من مؤلفاته ومقالاته حيث أن مجلة “الرسالة” كانت من أهم مصادر تراثه المنشور . وعليه فإن مجلة “الرسالة” لصاحبها الأديب أحمد الزيات تعد مدرسة عريقة للأدب والثقافة في العصر الحديث، ومنارة للعلم والمعرفة ، فقد نشرت كنوزاً لا تحصى من المقالات الأدبية والنقدية ، والتاريخية والسياسية والاجتماعية . وأختم هذا المقال الذي لخصت فيه ماجاء في لقاء أستاذنا القدير الدكتور عبدالرحمن قايد عن “المجلات الأدبية” وإعادة صياغة ذلك على إضافات يسيرة فيه ، بإقتراحين مهمين : الأول : أوجهه لعمداء كليات “اللغة والآداب” في جميع الجامعات العربية ، والمكتبات الوطنية الثقافية ، ولمراكز الدراسات ، كمركز الملك فيصل للبحوث ، ومركز البابطين، ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث وغيرها من المؤسسات الثقافية والنوادي الأدبية المهتمة بالأدب والثقافة بأنّ يتبنوا فكرة إخراج هذه الكنوز المدفونة بين طيات هذه المجلات القديمة الأدبية والثقافية. الثاني : أوجهه للمهتمين من طلاب وطالبات العلم والباحثين المعتنين بالأدب واللغة والثقافة في تبني بعض المشاريع الفردية لإخراج ماهو مدفون في هذه المجلات من التراث الأدبي ، وذلك على غرار ما قام به الدكتور ناصر السلامة في كتابه الماتع “مجموع مقالات علماء نجد في مجلة “التمدن الإسلامي” بدمشق”. وكذلك ماقام به الدكتور فهد آل طالب من جمع مفيد في كتاب بعنوان “المقالات القضائية من مجلة الرسالة”. وأيضاً ماقام به الأستاذ حماد السالمي في كتابه “السعوديون في الرسالة” حيث رصد مشاركة عدد من الأدباء في مجلة “الرسالة” المصرية. ومن المواضيع التي أقترح تناولها من هذه “المجلات” وأتمنى أن تجد من يقوم بها من طلاب وطالبات العلم أصحاب الهمم والنشاط في البحث والجرد والقراءة ، وسأضرب مثالاً بمجلة “الرسالة” كنموذجاً لذلك : ١- الشعر والشعراء في مجلة “الرسالة”. ٢- القصة والرواية في مجلة “الرسالة”. ٣- المعارك الأدبية في مجلة “الرسالة”. ٤- النقد الأدبي والتاريخي في مجلة “الرسالة”. ٥- ترجمة النصوص الأدبية إلى اللغة العربية مجلة “الرسالة” نموذجاً. ٦- فن المقالة في مجلة “الرسالة”. ٧- نماذج من المقابلات الصحفية في مجلة “الرسالة”. وغيرها من المواضيع العديدة والمبثوثة في بطون الكثير من هذه المجلات القديمة الأدبية والثقافية . وما يقال في هذه “المجلات” الثقافية والأدبية ، أيضاً يقال في غيرها من “المجلات” الشرعية والعلمية المحكمة ، سواء التي تصدرها المجامع الفقهية أو الكليات الشرعية أو غيرها من “المجلات” التي في حكمها ، فإنها مكنزاً علمياً ووعاءً ثقافياً ، لنفائس الفوائد ونوادر الفرائد ، في جميع العلوم الشرعية والعقدية والثقافية.