خدم الوطن في عدة قطاعات على مدى 38 عامًا ..
خالد بن محمد العنقري.. رجل التعليم العالي الأول والسفير المحنك .
أبدى معالي الدكتور خالد بن محمد العنقري تفانيه في خدمة الوطن وبرهن على نجاحه الكبير من خلال مناصب متعددة تبوأها على مدى أكثر من 38 عامًا، سواء من خلال عمله في وزارة الشؤون البلدية والقروية أو في وزارة التعليم العالي، أو في السلك الدبلوماسي بكونه السفير الأسبق للمملكة العربية السعودية في فرنسا، إذ يعد أحد الرجال المخلصين الذين حققوا الإنجازات حيثما حلوا. ولد خالد بن محمد العنقري في مدينة جدة عام 1371هـ (1951م)، ونال شهادة الدكتوراة في الجغرافيا من جامعة فلوريدا الأمريكية عام 1981م، وبعد عودته إلى الوطن بدأ على الفور مسيرته العملية الحافلة. عين الدكتور العنقري أستاذًا مساعدًا بجامعة الملك سعود من عام 1981م حتى 1984م، ثم انتقل إلى العمل بوزارة الشؤون البلدية والقروية حيث عين مديرًا عامًا للتخطيط والبرامج عام 1984م، قبل أن يتم تعيينه وكيلًا للوزارة ثم نائبًا للوزير، حيث ظل في منصبه حتى عام 1989م. بعدها تولى العنقري منصب وزير الشؤون البلدية والقروية خلال الفترة من عام 1989م حتى 1991م، قبل أن يصدر الأمر السامي الكريم بتعيينه وزيرًا للتعليم العالي عام 1991م وهو المنصب الذي قضى فيه أغلب مسيرته العملية، حتى ظل فيه إلى عام 2014م عندما طلب إعفاءه منه، بعد أن قضى قرابة 23 عامًا في خدمة التعليم العالي والمبتعثين، حيث استطاع أن يؤسس لمنظومة التعليم العالي في ظل الزيادة الهائلة لمخرجات التعليم العام من الطلاب والطالبات وعدم استيعابهم في العدد القليل من الجامعات عند بدء مهمته إذ كانت هناك 8 جامعات حكومية فقط. وفي أواخر عام 2015، صدر الأمر السامي بتعيين العنقري سفيرًا للمملكة العربية السعودية لدى فرنسا، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مع التركيز على تشجيع السياحة في المملكة العربية السعودية، وتطوير التعاون في التعليم العالي وتبادل الأبحاث ومكافحة الإرهاب. وقدم معاليه أوراق اعتماده سفيرًا مفوضًا وفوق العادة للمملكة لدى جمهورية فرنسا، للرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في فبراير عام 2016، وعمل العنقري على تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا، حيث ركز على التبادلات الثقافية والفنية من خلال الترويج لأحداث مثل معرض مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية الفني في مركز التراث العالمي في باريس، والمشاركة في معرض الكتب في باريس، وتنظيم معرض فني سعودي في معرض الفنانين العالميين الشباب، وفي سبتمبر 2016، افتُتح الجناح السعودي في القرية الدولية لفن الطبخ والثقافة في باريس، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة والفعاليات التي عززت العلاقات الثنائية بين البلدين. مؤلفاته وأبحاثه للدكتور خالد العنقري العديد من الكتب والدراسات والأبحاث في مجال الجغرافيا والتخطيط والتنمية ومن أبرزها: - مشكلات ومجالات عمل خريجي أقسام الجغرافيا في القطاع الحكومي عام 1987 - أبعاد التنمية العمرانية الشاملة في المملكة العربية السعودية 1989 - الجزيرة العربية في الخرائط الأوروبية القديمة بين نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن التاسع عشر 2002 - الاستشعار عن بعد وتطبيقاته في الدراسات المكانية 2003 - منهج متنام مرحلي لإنشاء نظام معلومات جغرافي في دولة نامية: المملكة العربية السعودية- 1993 - البيئة العاملية للمدينة العربية 1984 - تأثير توطين البادية في التحضر بالمملكة العربية السعودية 1990 - مواجهة مشكلة الإسكان في الدول النامية : النموذج السعودي 1992 ويرأس د. خالد العنقري مجلس أمناء (مؤسسة الشيخ إبراهيم العنقري وذريته الخيرية) وهي مؤسسة مانحة خيرية تهدف بالتعاون والتكامل مع شركاء في مجالات العمل الخيري ومن خلال البرامج التنموية إلى تحقيق الأثر الإيجابي للفئات المستفيدة. كما يرأس مجلس أمناء مؤسسة سنابل الخيرية الأهلية، وهي مؤسسة خيرية تأسست عام 1436هـ، وتهدف إلى نشر الأعمال الخيرية والعطاء بكل أنواعه، والمساهمة في مساعدة الأسر المحتاجة. النهوض بالتعليم العالي أسهم الدكتور خالد العنقري بشكل كبير في النهوض بالتعليم العالي في المملكة طوال فترة عمله وزيرًا للتعليم العالي التي امتدت أكثر من عقدين من الزمان، حيث فتح آفاق الدراسة في الخارج أمام الطلاب، وقاد برنامج الابتعاث بكل كفاءة، ورسم العديد من الاستراتيجيات بحنكة، ما أسهم في نهضة علمية غير مسبوقة، وحراك علمي وبحثي استفادت منه جميع مناطق المملكة. تسلم العنقري وزارة التعليم العالي وحصيلتها ثماني جامعات تعليمية حكومية بالإضافة إلى جامعة أهلية واحدة فقط، وقاد مرحلة التحول إلى عصر العلم والتقنية حيث وضع خطة استراتيجية للتعليم العالي في المملكة للتعامل مع معطيات العصر، مع تعديل أنظمة التعليم العالي ليتلاءم مع متطلبات التنمية والاقتصاد وسوق العمل، وأضاف العديد من الكليات المتخصصة التي خرجت جيلًا رائدًا قاد مشاريع التنمية في مختلف المجالات. كما اهتم معاليه بالعديد من المشاريع مثل إسكان أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وإنشاء وتطوير المستشفيات الجامعية، وتقديم المنح الداخلية للجامعات والكليات الأهلية، وتطوير البنى التحتية للجامعات، والإنفاق على برامج الجودة، وتهيئة بيئات جامعية صديقة للطالب والمجتمع، ومواصلة دعم البحث العلمي، بالإضافة إلى استكمال إنشاء بعض المجمعات والمدن الجامعية في جميع أنحاء المملكة. وكانت من أبرز الخطوات التي اتخذها معالي وزير التعليم العالي في بدء مهمته الجسيمة، الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة علميًا حيث توجه إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا للاستفادة من تجاربهم ونقلها لقطاع التعليم العالي، فتوسعت المملكة في إنشاء الجامعات الحكومية التي ارتفع عددها عام 2002م إلى 12 جامعة، بالإضافة إلى ثلاث جامعات أهلية جديدة. وقع الوزير العنقري العديد من مذكرات التفاهم والتعاون مع دول أثبتت نجاحها وتقدمها العلمي، وكانت النتيجة ابتعاث العديد من الطلاب السعوديين للدراسة في تلك الدول والاستفادة من تجاربها وتقدمها. وعمل العنقري على تجسير الفجوة بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل، وذلك من خلال التنسيق بين برنامج الابتعاث والجهات الحكومية لمعرفة التخصصات المطلوبة في سوق العمل، بحيث لا يجري الابتعاث إلا في تخصصات تحتاج إليها سوق العمل بشكل ملح، إلى جانب التنسيق مع الوزارات المعنية بكيفية إيصال المعلومات للخريجين حول الفرص الوظيفية المناسبة لتخصصاتهم. وفي عام 2005 أطلق الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، ليكون رافدًا مهمًا يثري القطاعين الحكومي والأهلي بالكفاءات المتميزة والمتخصصة من أبناء الوطن وبناته، وليسهم مع برامج التعليم الجامعي داخل المملكة في تأهيل الشباب السعودي تأهيلًا عاليًا، ليصبحوا خير من يحقق طموحات وطنهم في كل المجالات التي تتسم بالرقي والتقدم التقني العالمي. تبنى البرنامج رؤية استراتيجية ترتكز على تنمية التبادل الثقافي والتواصل العلمي والحضاري بين المملكة ودول العالم المتقدم، وذلك من خلال التعريف بثقافة بلادنا وقيمها المستمدة من ثوابت الدين الإسلامي، كما تهدف إلى إكساب الشباب السعودي القدرة على الحوار وممارسته عمليًا والتفاهم والتواصل مع ثقافات العالم المختلفة لاستيعاب منجزات الآخرين، والتعرف على ثرواتهم المعرفية وإمكاناتهم الثقافية. واستفاد من هذا البرنامج آلاف الطلاب والطالبات الذين تم ابتعاثهم للدراسة في أرقى وأعرق الجامعات العالمية، ما أسهم في تنمية الموارد البشرية الوطنية، وتخريج الكوادر المتخصصة المتسلحة بأعلى الشهادات لتأخذ دورها في دفع عجلة التنمية. بدأ البرنامج أولى خطواته بابتعاث بضعة آلاف من الطلاب إلى عدد محدود من الدول، واستمر في التطور من مرحلة لأخرى حتى تعدت أعداد المبتعثين والمبتعثات 180 ألفًا يدرسون في أفضل الجامعات في أكثر من 32 دولة في العالم. وفي عام 2012م شرعت وزارة التعليم العالي بتنفيذ (آفاق/ 1450هـ) وهي خطة إستراتيجية مدتها 25 عامًا من أجل تطوير التعليم العالي وتحويله إلى منظومة ذات مستوى رفيع يحظى بالاعتراف والتقدير الإقليمي والعالمي، ويسهم في توليد المعرفة ونشرها واستخدامها. حقق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث نتائج ملموسة أسهمت في الارتقاء بمؤشرات الأداء في قطاع التعليم العالي، ما أدى إلى صدور الأمر السامي عام 2013 بتمديده لعدة سنوات أخرى، بعد الجهود الكبيرة التي بذلها معالي الدكتور خالد العنقري. كما صدرت الأوامر السامية بإنشاء 9 جامعات جديدة في مختلف مناطق المملكة، وهو ما ضاعف المسؤوليات في قطاع التعليم العالي، حيث ازدادت أعداد خريجي الجامعات بشكل كبير، وهو تحد واجهه الدكتور خالد العنقري بخبرته وتفانيه وجهوده الدؤوبة، حيث وجد الطلاب خطة استراتيجية تكفل لهم متابعة تعليمهم في جامعات مرموقة عالميًا. وطوال مدة عمله، نجح العنقري في التعامل مع ملفات معقدة في تاريخ التعليم العالي بفضل حنكته ومهاراته القيادية وتفانيه في عمله، وقربه من القيادة الحكيمة -أيدها الله- التي أنفقت بسخاء على قطاع التعليم، حيث بلغ حجم الميزانية المخصصة لقطاع التعليم بشقيه العام والعالي لعام 1435هـ (210 مليارات ريال) أي ما يعادل ربع ميزانية الدولة، كان نصيب قطاع التعليم العالي منها ما نسبته 10%. ومن الأمور التي عرفت عن الدكتور خالد العنقري وقوفه عن كثب على كافة ما كان يعترض الطلاب من صعوبات وعقبات، واستماعه لهم وتوجيههم وحثهم على تحقيق أقصى درجات الاستفادة من ابتعاثهم للدراسة في الخارج، إذ تمكن بعد توفيق الله من تذليل كافة الصعوبات، ليقدم جيلًا واعدًا قادرًا على قيادة مرحلة التغيير والتطور الهائل التي شهدتها بلادنا ولله الحمد. تفوق ونجاح كمًا وكيفًا مع نهاية عمله في قطاع التعليم العالي، بلغ عدد الجامعات 28 جامعة حكومية، بزيادة 20 جامعة عن السابق، بالإضافة إلى 11 جامعة أهلية، أي بزيادة عشر جامعات، بالإضافة إلى العديد من الكليات المتخصصة. وفي المجال البحثي، تم إنشاء العديد من الكراسي العلمية في الجامعات السعودية، للإسهام في تطوير البحث العلمي ونشر ثقافة الإبداع والابتكار لدى الباحثين وطلاب الدراسات العليا. ولم يكن التفوق والنجاح في الكم فقط، بل ارتفعت مؤشرات الأداء لتحقق الجامعات السعودية أعلى التصنيفات على مستوى العالم، فضلًا عن ارتفاع عدد خريجيها ومبتعثيها إلى أرقام قياسية غير مسبوقة. وأنشأ معاليه الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، وذلك للارتقاء بجودة التعليم العالي الحكومي والخاص، من خلال وضع معايير محددة للاعتماد الأكاديمي يتم تنفيذها من خلال إنشاء مراكز أو وحدات للجودة داخل مؤسسات التعليم العالي. وفي عام 2017، وافق المقام السامي على منح العنقري الدكتوراه الفخرية من جامعة أم القرى نظرًا لجهوده في خدمة التعليم العالي، حيث تمكن من الارتقاء بمكانة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، سواءً فيما يتعلق بالجوانب التعليمية بكافة مستوياتها؛ بما فيها برامج الدراسات العليا، أو المجالات البحثية والابتكارية. وكان د. العنقري قد نال أيضًا الدكتوراه الفخرية في الإدارة التربوية عام 2014م من الجامعة الأردنية. وفي عام 1435هـ دشن معاليه كتاب (التعليم العالي في المملكة العربية السعودية: المسيرة والإنجازات)، وهو من إصدارات مركز البحوث والدراسات في وزارة التعليم العالي، حيث يرصد الكتاب مسيرة التعليم العالي منذ نشأته وحتى تاريخه، وقام بإعداده فريق علمي من مستشاري الوزارة وعدد من الباحثين من جامعات المملكة المختلفة. الجوائز والتكريمات منحت الحكومة الفرنسية في أكتوبر عام 2019 معالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا، الدكتور خالد بن محمد العنقري وسام «الاستحقاق الوطني برتبة ضابط أكبر» تقديرًا لجهوده في دعم وتعزيز العلاقات بين المملكة وفرنسا. وتم منح الوسام لمعاليه باسم رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، حيث قلده إياه المدير العام لإدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كريستوف فارنو، في حفل غداء أقامته وزارة الخارجية الفرنسية بمناسبة انتهاء مدة عمله سفيرًا لخادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية فرنسا، بحضور عددٍ من المسؤولين الفرنسيين. وأشاد كريستوف فارنو، بالدور الكبير الذي قام به معالي السفير العنقري في تعزيز ودعم وتطوير العلاقات بين البلدين الصديقين في جميع الجوانب. من جانبه، عبر العنقري عن امتنانه لهذا التكريم الذي حظي به من قبل الحكومة الفرنسية بمنحه هذا الوسام الرفيع، الذي يعكس قوة ومتانة العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين المملكة وفرنسا، كما تقدم معاليه بالشكر الجزيل للمسؤولين الفرنسيين كافة الذين أبدوا تعاونًا كبيرًا في تسهيل مهمته خلال سنوات عمله. كما كرّم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير السابق معالي الدكتور خالد العنقري في حفل جائزة المفتاحة السنوي في ختام مهرجان أبها السياحي عام 1429هـ. وجاء تكريم د. العنقري عرفانًا لما ظل يقدمه في سبيل النهوض بالتعليم العالي ومجهوداته الكبيرة لتطويره وسعيه لتنفيذ النهضة التعليمية الشاملة بناءً على توجيهات القيادة الرشيدة. وقدم أمير عسير السابق الدكتور العنقري قائلاً: «وزير مسؤول عن ثروتنا البشرية المستقبلية في واحدة من أضخم وزارات الدولة، وأكثرها عددًا، وأسرعها توسّعًا. واجهته مجموعةٌ كبيرةٌ من التحديات الضخمة: أعداد هائلة من المبتعثين يحتاجون إلى متابعة يوميّة، وجامعات كبرى تحتاج إلى التطوير، وجامعاتٌ تُستحدث وتحتاج إلى مواجهة أعباء التأسيس، ونقد إعلامي ومجتمعي لا يتوقف، لكنها تحدّيات لا تستعصي على رجلٍ متمرّسٍ على الإدارة الحكيمة، فقامت المدنُ الجامعية في كلّ منطقة، وصارت جامعتُنا الأم (جامعةُ الملك سعود) الأولى عربيًّا». وقدم العنقري شكره لأمير عسير على هذه البادرة، وقال معاليه حينها خلال تكريمه في ذلك الحفل: «لقد شهد التعليم العالي في المملكة قفزات متطورة، وما جامعة الملك خالد سوى مثال، وذلك حين رفع خادم الحرمين الشريفين اعتمادات إنشاء المدينة الجامعية للجامعة إلى الضعف، ولا شك أن التعليم العالي سيشهد خلال السنوات العشر القادمة تطورًا كبيرًا سيصب في خدمة الوطن والمواطن».