صدرت حديثًا لدى دار أدب للنشر والتوزيع بالرياض المجموعة الشعرية الخامسة للشاعر عبدالرحمن الشهري بعنوان «رأيت بروك شيلدز»، في 95 صفحة، متضمنة 67 قصيدة نثر، وتعد إضافة جديدة لتجربة الشاعر في قصيدة النثر المعاصرة. وأهدى الشهري مجموعته إلى عمر الرحيلي، في إشارةٍ حميمة توازي الطابع الإنساني الهادئ الذي يهيمن على نصوص المجموعة. وتقدم المجموعة تجربة شعرية تتكئ على التأمل العميق في الزمن وتأثيره في البشر، بعيدًا عن الافتعال والثرثرة، إذ تنفتح القصائد على أطياف إنسانية متعددة: الأم، الطبيعة، الذات، وصورة الممثلة الأمريكية بروك شيلدز بوصفها رمزًا لتحولات الجمال وقوته وأفوله. وفي هذا السياق، تتشكل حالة شجن شفيفة، تتحرك بين الذاكرة والمصير، وبين القوة والضعف، في لغة عذبة ورهيفة تلتقط التفاصيل الصغيرة وتعيد صوغها شعريًا. وتتميز «رأيت بروك شيلدز» بكونها قصيدة نثر خالصة، مكتوبة جميعها بنظام «الكتلة»، مع حسٍّ خافت يتجنب الخطابية والاستخلاصات الصاخبة، مستندة إلى خبرة الشاعر في السرد بوصفه عصبًا أساسيًا في بناء النص. وتبدو كل قصيدة أشبه بلوحة مستقلة داخل معرض فني، لا تُقرأ مجتزأة، بل تُتأمل كاملة، لما تنطوي عليه من حركة داخلية لا تهدأ. وتؤكد المجموعة، في مجملها، حضور عبدالرحمن الشهري كصوت شعري يراهن على الصفاء، والإنسانية، والاقتصاد اللغوي، في مشهد قصيدة النثر السعودية المعاصرة، وهذه هي المجموعة الخامسة للشاعر بعد أسمر كرغيف، لسبب لا يعرفه، صعود متأخر، الكتابة على جهاز آيفون. ومن أجواء المجموعة نقتطف: “لا أدعي مجدا في الخمسين، ولا أنوي تغيير العالم. أكبر مثلما يكبر طائر في قفص، ولا يدري أنه يكبر. قفصي أيامي التي أهرقها بلا طائل، وأكتشف بعدها أنني كبرت، وأن الناس الذين نشأت على وجودهم، يحملون أنفسهم، ويغيبون...”.