حلول ابتكارية للتوطين:

نحتاج شركة لتعظيم الاستفادة من هدر التلوث ولتنمية الموارد البشرية السعودية.

يلاحظ أي مواطن سعودي أو وافد التلوث الكبير في سواءً الحدائق العامة أوفي المتنزهات الوطنية والتي تعاني من التلوث البلاستيكي ومخلفات أخرى، وللاسف الصور والشواهد كثيرة للغاية، ورغم تحول هذا الوضع إلى هم وألم اجتماعي وطني، إلا أنه لم يحظ بالاهتمام الذي يستحقه من المسؤولين في الوزارات المعنية عبر جهد وطني وعملي مؤسسي لتغيير هذا الوضع السلبي الحديث على وطننا الغالي. وهذا يجعلنا نتساءل: كيف نفخر برؤية سمو ولي العهد، ومستهدفات (رؤية المملكة 2030)، واستضافة اكسبو 2030، وكأس العالم 2034، وهذا المشهد الحضاري والبيئي المؤلم لم يتغير ليأخذنا إلى المكانة التي تليق ببلادنا، أي لنكون في مصاف الدول العشرين. لن نصل لهذا الهدف إذا ظللنا نتساهل مع الممارسات الضارة بالبيئة، والتي قد تؤخر تحقيق بعض المستهدفات الوطنية. للأسف، الذي يزور حديقة عامة بالرياض فجراً يجد عشرات الكيلوجرامات من المخلفات البلاستيكية، معظمها قوارير شرب الماء البلاستيكية بالذات التي ينفصل غطاؤها عن القارورة، مسببة انتشاراً للتلوث البلاستيكي. (الاتحاد الاوروبي طبق نظام تصنيع يربط الغطاء بالقارورة لتقليل التلوث). والتلوث لايقف عند البلاستيك، فهناك الكؤوس والصحون الورقية التي يرميها زوار الحدائق العامة ضاربين عرض الحائط بتعاليم ديننا الحنيف، وتنظيمات استخدام الحدائق. وتجد نفس الممارسة في مواقف السيارات للمجمعات التجارية. ظاهرة عدم المبالاة لرمي المخلفات، وهذا السلوك الاجتماعي السلبي المنتشر للاسف يحتاج التقصي لمعرفة جذوره. نحتاج معرفة: هل فعلا الناس متعمدة، ام جاهلة لمخاطر التلوث البيئي والتشوه البصري!! وهنا العتب على وزارات البلديات والإسكان والبيئة لعدم إطلاق حزمة توعية بيئية للمحافظة على البيئة تغطي جميع مراحل الدراسة (روضة مروراً بالثانوي والدبلوم او البكالوريوس)، وتكون ضمن مواضيع بعض المقررات ومنها تشمل التطبيق العملي والتطوع إضافة الى حزمة من المخالفات الصارمة وتجييش كل أجهزة الامن لتعزيز تطبيق حزمة التوعية. في هذا فرصة وطنية عظيمة للاستفادة من تلك المخلفات البيئية المضرة للبيئة من خلال تأسيس منشآت صغيرة لمعالجة تلك النفايات البلاستيكية من خلال سلسلة القيمة المضافة لاعادة تدوير البلاستيك تبدأ من التجميع الذي لا يمارسه السعوديون إلى الآن وصولاً إلى مصانع أو ورش التدوير لتحويلها إلى حبوب بلاستيك (باليتات) لمصانع التصنيع البلاستيكي الخام ثم الاستهلاكي، إن هذا الاقتصاد الخفي يدر مئات الملايين على بعض ممارسيه من الجنسيات الوافدة، وفي مقالة أخرى سأروي إحدى قصص رواد الأعمال في إعادة تدوير البلاستيك، ولكنها غائبة عن السعوديين للاسف لغياب العمل المؤسسي في جميع سلسلة تلك العمليات. والفوائد العظيمة للاستفادة من صناعة التدوير على الوطن والمواطن فرص العمل للشباب، تبدأ من مرحلة التجميع في المنازل والمحلات وغيرها وحتى الوصول إلى مكائن التجميع ثم إلى مصانع التدوير، طبعا هذا يتطلب وجود عوائد مالية للممارسين في كل مرحلة حتى تنجح فكرة التوطين. مرحلة التجميع الاولي هي الأصعب، حيث تصل أسعاره بشكل عام لطن الخردة في السعودية لعام 2024 ما بين 1,500 ريال سعودي و6,000 ريال سعودي كسعر عام حسب النوع حيث إن البلاستيك الليّن (الزجاجات البلاستيكية) والخالي من الشوائب والرطوبة يحصل على سعر أعلى، وإذا كان وزن القارورة البلاستيك الفارغة الصغيرة 14 جرام فان الكيلو يشمل 71 قارورة. هذا العدد ليس صعبا تجميعه، بل خلال أقل من ساعة ممكن تجميعه من جزء بسيط من حديقة عامة. وفي نهاية الشهر ممكن تجميع 30 كيلوجرام، إذا استمر الجمع لمدة ربع ساعة (15 دقيقة) يومياً والذي يصل سعره 6 ريال وفي نهاية الشهر 180 ريال. هذا المبلغ ربما يكون ذا عائد لطفل في الابتدائي وممارسة التدرّب على العمل المجتمعي والذي يعود عليه بالمال أيضاً، كما إن هناك عدة مكائن غير مكلفة بتاتاً لضغط قوارير البلاستيك حتى لا تاخذ حجماً كبيراً. هذه الفوائد يمكن جنيها إذا تم تبني البرنامج ضمن حملة وطنية، ويدخل في نفس هذا الإطار تدوير المخلفات الحديدية مثل علب المرطبات التي يزيد سعرها عن البلاستيك قليلاً. هل نحتاج آلية تنفيذية تحقق هذه المكاسب؟ إذا وجدت شركة تعمل لهذا الغرض، فبالامكان تثقيف المواطن كما في الحملة السابقة لوضع مخلفات البلاستيك والحديد والزجاج في حاويات قمامات مختلفة لسهولة التجميع من قبل موظفي الشركة السعوديين المختصة في التدوير. ولكن بشكل وطني مؤسسي والتي تتطلب بكل تاكيد دراسة جدوى طويلة الاجل، ولكن، مرة أخرى، يتطلب هذا تاسيس شركة ربما مدعومة من صندوق الاستمثارات العامة تشمل جميع سلاسل العمل ليستفيد منها المواطن ويكون عائد هذه الصناعة في جميع مراحلها المختلفة على المواطن السعودي.