تَحْدِي الزَّمَانِ وَ عَزِيمَةُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ.

يَتَجَدَّدُ الْوَفَاءُ، وَ تَتَأَلَّقُ الذِّكْرَى، فِي سَمَاءِ الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ، حِينَ تَحِلُّ عَلَيْنَا الذِّكْرَى الثَّامِنَةُ لِوِلَايَةِ صَاحِبِ السُّمُوِّ الْمَلَكِيِّ الْأَمِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ آلِ سُعُودٍ ـ وَفَّقَهُ اللَّهُ ـ وِلَايَةَ الْعَهْدِ، تَارِيخٌ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ مَسِيرَةَ عَزْمٍ لَا يَلِينُ، وَرُؤْيَةٍ لَا تَغِيبُ، وَإِرَادَةٍ تَتَحَدَّى صِعَابَ الزَّمَانِ وَعَنَاءَ التَّغْيِيرِ. فَمَا أَجْمَلَ أَنْ تَكُونَ الْأَمَلَ وَالْعَمَلَ فِي قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، يَحْمِلُ هَمَّ أُمَّةٍ، وَيَرْفَعُ رَايَةَ وَطَنٍ! لَقَدْ كَانَ الْأَمِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلْمَانَ ـ أَيَّدَهُ اللَّهُ ـ وَفِيًّا لِقَسَمِ الْعَهْدِ، مُخْلِصاً لِدَعْوَةِ الْمُلْكِ، مُتَمَسِّكاً بِخُطَى الْآبَاءِ وَ الْأَجْدَادِ، وَ لَكِنَّهُ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ كَانَ صَانِعاً لِتَارِيخٍ جَدِيدٍ، يَلِيقُ بِعَظَمَةِ هَذَا الْوَطَنِ وَ طُمُوحِ أَبْنَائِهِ ، و فِي ظِلِّ قِيَادَتِهِ الْحَكِيمَةِ، تَحَوَّلَتِ الرُّؤْيَةُ إِلَى حَقِيقَةٍ، وَ الْحُلْمُ إِلَى وَاقِعٍ، وَ الْإِصْلَاحُ إِلَى سِيَاسَةٍ لَا تَرْتَدِدُ. الْعَزْمُ الَّذِي تَحَدَّى الزَّمَانَ: لَمْ تَكُنِ الثَّمَانِيَةُ أَعْوَامٍ مَجَرَّدَ حِسَابِ أَيَّامٍ، بَلْ كَانَتْ رِحْلَةً شَاقَّةً مِنَ الْبِنَاءِ وَ التَّحْدِيثِ، حَيْثُ وَاجَهَ سُمُوُّهُ ـ أَبْقَاهُ اللَّهُ ـ تَحَدِّيَاتٍ عَصِيبَةً بِعَزِيمَةٍ لَا تَعْرِفُ الْيَأْسَ. فَمِنْ تَطْوِيرِ الْقَطَاعِ الْعَامِّ إِلَى تَحْفِيزِ الِاقْتِصَادِ، وَ مِنْ تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ إِلَى دَعْمِ الشَّبَابِ، وَ مِنْ تَأْسِيسِ مَدُنِ الْمُسْتَقْبَلِ إِلَى صِيَانَةِ التُّرَاثِ، كَانَتْ كُلُّ خُطْوَةٍ تَحْمِلُ بَصْمَةَ رُؤْيَةٍ مُتَفَرِّدَةٍ، تَجْمَعُ بَيْنَ الْأَصَالَةِ وَ الْمُعَاصَرَةِ. وَ إِذَا كَانَتْ “رُؤْيَةُ 2030” هِيَ الْخُطَّةَ الْعُظْمَى لِهَذَا التَّحَوُّلِ، فَإِنَّ الْأَمِيرَ مُحَمَّدَ بْنَ سَلْمَانَ ـ حَفِظَهُ اللَّهُ ـ كَانَ الْبُطْلَ الْأَسَاسِيَّ فِي تَحْوِيلِهَا إِلَى وَثِيقَةٍ عَمَلِيَّةٍ، لَا تَرْفُضُ التَّقْدُّمَ وَلَا تَتَنَاسَى الْجُذُورَ. فَتَحْتَ قِيَادَتِهِ، أَصْبَحَتِ الْمَمْلَكَةُ وَجْهَةً لِلِاسْتِثْمَارِ الْعَالَمِيِّ، وَ مَرْكَزاً لِلْإِبْدَاعِ، وَ قِبْلَةً لِلسِّيَاحَةِ، فِي حِينِ أَنَّهَا حَافَظَتْ عَلَى هَوِيَّتِهَا الْإِسْلَامِيَّةِ وَ الْعَرَبِيَّةِ بِكُلِّ فَخْرٍ. إِنْجَازَاتٌ تَتَحَدَّثُ عَنْ نَفْسِهَا: لَا يُمْكِنُ إِغْفَالُ الْإِنْجَازَاتِ الَّتِي نَعِيشُهَا الْيَوْمَ، وَ الَّتِي جَعَلَتْ مِنَ الْمَمْلَكَةِ نَمُوذَجاً يُحْتَذَى فِي الْإِصْلَاحِ وَ التَّنْمِيَةِ. فَمَدِينَةُ “نِيُوم”َ الْذَّكِيَّةُ، وَ مَشْرُوعُ “الْخُطَّةِ الْخُضْرَاءِ”، وَ تَحْوِيلُ “الْقِصَّةِ” إِلَى مَرْكَزٍ ثَقَافِيٍّ عَالَمِيٍّ، وَ تَعْدِيلُ الْأَنْظِمَةِ لِتَمْكِينِ الْمَرْأَةِ، وَ انْطِلَاقُ مَوْسِمِ “الرِّيَاض”ِ كَمَحْفَلٍ عالميٍّ ثَقَافِيٍّ وَ فَنِّيٍّ، كُلُّهَا شَوَاهِدُ عَلَى أَنَّ الْعَزْمَ الْمَلَكِيَّ قَادِرٌ عَلَى تَحْطِيمِ الْحُدُودِ، وَ بِنَاءِ الْجِسُورِ. وَلَمْ تَكُنِ الْإِنْجَازَاتُ اقْتِصَادِيَّةً فَحَسْبُ، بَلْ شَمِلَتْ تَعْزِيزَ الْمَكَانَةِ السِّياسِيَّةِ لِلْمَمْلَكَةِ عَلَى الْمُسْتَوَى الْإِقْلِيمِيِّ وَ الدَّوْلِيِّ، حَيْثُ أَصْبَحَتْ صَوْتًا مُهِمًّا فِي حَلِّ النِّزَاعَاتِ، وَ دَاعِمًا لِلسَّلَامِ، وَ شَرِيكا أسَاسِيَّاً فِي مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّياتِ الْعَالَمِيَّةِ، مِثْلَ مُحَارَبَةِ الْإِرْهَابِ وَ التَّغَيُّرِ الْمُنَاخِيِّ. عَزِيمَةٌ لَا تَلْتَوِي: فِي وَسَطِ هَذَا الْمَسَارِ الْمُلْتَهِبِ، لَمْ تَكُنِ الْعَقَبَاتُ غَائِبَةً، وَ لَكِنَّ الْفَارِقَ الْجَوْهَرِيَّ أَنَّ قَائِدَ هَذَا الْمَسِيرِ لَمْ يَكُنْ لِيَرْتَدَّ أَوْ يَتَوَقَّفَ. فَالتَّحَدِّياتُ الدَّاخِلِيَّةُ وَ الْخَارِجِيَّةُ، وَ الْجَائِحَاتُ، وَ الْأَزَمَاتُ الْعَالَمِيَّةُ، كَانَتْ مِحَنًا تُثَبِّتُ أَنَّ الْعَزِيمَةَ الْأَقْوَى هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ رَحِمِ التَّجَارِبِ أكثَرُ صَلَابَةً. وَقَدْ أَثْبَتَ سُمُوُّ الْأَمِيرِ ـ أَيَّدَهُ اللَّهُ ـ أَنَّهُ قَائِدٌ لَا يَخْشَى الْغَدَ، بَلْ يَصْنَعُهُ بِكُلِّ ثِقَةٍ وَ إِصْرَارٍ. خِطَابٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ: الذِّكْرَى الثَّامِنَةُ لَيْسَتْ مَحَطَّةً لِلْاِحْتِفَالِ فَحَسْبُ، بَلْ هِيَ لَحْظَةٌ لِلتَّأَمُّلِ فِي مَا تَمَّ، وَ التَّحْضِيرِ لِمَا هُوَ آتٍ. فَرُؤْيَةُ 2030 مَازَالَتْ تَنْزَفُ أَمَلاً، وَ الْمَمْلَكَةُ تَسِيرُ بِثَبَاتٍ نَحْوَ أَهْدَافِهَا، بِقِيَادَةِ رَجُلٍ يُؤْمِنُ أَنَّ التَّطَوُّرَ لَيْسَ خِيَاراً، بَلْ ضَرُورَةً، وَ أَنَّ الْحِفَاظَ عَلَى الْهُوِيَّةِ الوَطنَيةِ لَيْسَ تَقْيِيداً، بَلْ تَمَيُّزاً. وَ فِي خِطَابِ سُمُوِّهِ ـ حَفِظَهُ اللَّهُ ـ دَائِماً مَا يَكُونُ الْحَافِزُ هُوَ “الْإِنْسَانُ السُّعُودِيُّ”، الَّذِي يَشْغَلُ قَلْبَ الرُّؤْيَةِ وَ عَقْلَهَا. فَالتَّعْلِيمُ، وَ الصِّحَّةُ، وَ الرِّعَايَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ، وَ الْفُنُونُ، كُلُّهَا أَوْلَوِيَّاتٌ تَتَجَسَّدُ فِي بَرَامِجَ مَلْمُوسَةٍ، تُعَبِّرُ عَنْ عَهْدٍ جَدِيدٍ مِنَ الْعَدَالَةِ وَ الأَمْنِ وَ الرَّخَاءِ. * تُجَسِّدُ الْأَمَلَ:* بَيْنَ مَاضٍ مُشَرِّفٍ وَ مُسْتَقْبَلٍ وَاعِدٍ، يَقِفُ الْأَمِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلْمَانَ ـ أَبْقَاهُ اللَّهُ ذُخْرًا لِوَطَنِهِ ـ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ الْإِرَادَةَ الصَّادِقَةَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَحُولَ التَّحَدِّياتِ إِلَى فُرَصٍ، وَ الْأَحْلَامَ إِلَى وَاقِعٍ. فَتَحِيَّةٌ وَلاءٍ لِقَائِدٍ لَمْ يَخْشَ طُولَ الطَّرِيقِ، بَلْ جَعَلَ مِنْ كُلِّ خُطْوَةٍ فِيهِ دَلِيلاً عَلَى أَنَّ الزَّمَانَ لَا يَقْهَرُ عَزِيمَةِ الْعُظَمَاءِ. وَإِذَا كَانَتِ الْأُمَمُ تُقَاسُ بِقَادَتِهَا، فَإِنَّ الْمَمْلَكَةَ الْعَرَبِيَّةَ السُّعُودِيَّةَ تَفْتَخِرُ الْيَوْمَ بِقَائِدٍ يَحْمِلُ فِي قَلْبِهِ هَمَّهَا، وَ فِي عَيْنَيْهِ رُؤْيَتَهَا، وَ فِي يَدِهِ خُطَّةَ مُسْتَقْبَلِهَا. نَعَمْ .. نَحْنُ لَسْنَا أَمَامَ ذِكْرَى فَحَسْبُ، بَلْ أَمَامَ دَرْسٍ عَظِيمٍ فِي كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ حِكْمَةً، وَالْقِيَادَةُ وَعْداً، وَ الْوَفَاءُ سَبِيلًا.